أصدرت وزارة الاتصالات الهندية توجيهاً يُلزم كبار مصنعي الهواتف المحمولة بالتثبيت المسبق لتطبيق الأمن السيبراني المدعوم من الحكومة “سانشار ساثي” (Sanchar Saathi) على جميع الأجهزة الجديدة خلال مهلة 90 يوماً. وفقاً للقرار، لن يتمكن المستخدمون من حذف هذا التطبيق أو تعطيله من هواتفهم. كما يُطلب من المصنّعين دفع التطبيق إلى الأجهزة الموجودة بالفعل في سلسلة التوريد عبر تحديث برمجي، في خطوة تهدف إلى تعميم استخدامه لمكافحة جرائم الاتصالات.
وظائف التطبيق: من الإبلاغ عن الاحتيال إلى استعادة الأجهزة المسروقة
يُعد تطبيق “سانشار ساثي”، المتاح على الويب وعلى نظامي أندرويد وآي أو إس، أداة شاملة تسمح للمستخدمين بعدة وظائف أمنية. تشمل هذه الوظائف الإبلاغ عن المكالمات والرسائل المشبوهة والروابط الضارة عبر الهاتف أو الرسائل النصية أو واتساب، وحظر الهواتف المسروقة، والتحقق من عدد خطوط الهاتف المسجلة باسم المستخدم. وتتمثل إحدى ميزاته المهمة في قدرته على الإبلاغ عن المكالمات الدولية الواردة التي تبدأ بكود الهند (+91)، والتي غالباً ما تُستخدم لإخفاء هوية المحتالين الذين يعملون عبر شبكة الإنترنت من خارج الهند.
فعالية ميدانية: أرقام تبرر قرار التعميم
تدفع النتائج التي حققها التطبيق منذ إطلاقه في مايو 2023 الحكومة الهندية لتعميمه. فقد تم تنزيل التطبيق أكثر من 11.4 مليون مرة، معظمها من ولايتي أندرا براديش وماهاراشترا. وعلى الصعيد الأمني، ساعد التطبيق في حظر أكثر من 4.2 مليون جهة مفقودة أو مسروقة، وتتبع 2.6 مليون جهة منها، واستعادة حوالي 723,638 جهازاً بنجاح إلى أصحابها. وترى الحكومة أن هذه الأداة ضرورية لمواجهة تهديدات أمن الاتصالات، بما في ذلك تزوير أرقام IMEI الذي يُسهل عمليات الاحتيال وإساءة استخدام الشبكة.
جدل الخصوصية والسياق العالمي: مقارنة بتجربة روسيا
يضع هذا القرار الهند ضمن سياق عالمي لبعض الدول التي تفرض تثبيت تطبيقات وطنية مسبقاً. ففي روسيا، أصبح تثبيت تطبيق المراسلة المحلي “ماكس” (MAX) إلزامياً على جميع الأجهزة الذكية المباعة اعتباراً من سبتمبر 2025، وسط اتهامات من النقاد بأنه أداة لتتبع المستخدمين. كما فرضت السلطات الروسية مؤخراً قيوداً جزئية على المكالمات الصوتية والمرئية في تطبيقي تيليجرام وواتساب لمكافحة الأنشطة الإجرامية، وهددت بحظر واتساب تماماً في حال عدم امتثاله للقانون الروسي، متهمة إياه بأنه وسيلة لتنظيم أنشطة إرهابية وعمليات احتيال.
يثير القرار الهندي، شأنه شأن النموذج الروسي، تساؤلات حول توازن الأمن والخصوصية، ومدى سلطة الدولة في التحكم في البرمجيات المثبتة مسبقاً على الأجهزة الشخصية للمواطنين في معركتها ضد الجريمة الإلكترونية والاحتيال.




























