لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية مستقبلية، بل أصبح جزءاً أساسياً من أدوات الأمن السيبراني اليومية. من أنظمة الحماية الطرفية إلى فلاتر البريد الإلكتروني، ومن منصات إدارة الثغرات إلى أنظمة كشف التسلل، جميعها باتت تعتمد على نماذج “ذكية” لاتخاذ قرارات سريعة. لكن هذه النماذج غالباً ما تعمل خلف ستار من الغموض، حيث تحجب الشركات تفاصيلها باعتبارها ملكية فكرية، تاركة فرق الأمن أمام نتائج لا يمكن التحقق من منطقها الداخلي. هذا يضع المسؤولية النهائية على البشر الذين يجب أن يوازنوا بين سرعة القرار الآلي وحساسية السياق التنظيمي.
إزالة العوائق وتسريع التحقيقات
جزء كبير من عمل فرق الأمن يتمثل في ترجمة البيانات الخام إلى معلومات قابلة للتحليل، وهو ما يستهلك وقتاً وجهداً كبيرين. هنا يظهر دور الذكاء الاصطناعي كوسيط بين الإنسان والآلة، حيث يمكنه توليد استعلامات SQL أو Regex بشكل تلقائي بناءً على أوامر بلغة طبيعية. هذه القدرة تختصر خطوات معقدة وتسمح للمحققين بالتركيز على جوهر القضية بدلاً من الانشغال بالصياغة التقنية. ومع ذلك، يظل الذكاء الاصطناعي عاجزاً عن إدراك المعنى الأخلاقي أو المسؤولية، فهو يقدم استنتاجات رياضية قد تكون صحيحة حسابياً لكنها خاطئة سياقياً.
المهارات المطلوبة لمتخصصي الأمن
الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لا يعني الاستغناء عن الخبرة البشرية، بل يتطلب تطوير مهارات جديدة. أبرزها إتقان أساسيات لغة بايثون لفهم وتعديل الأكواد التي ينتجها الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى معرفة أولية بمفاهيم التعلم الآلي لفهم كيفية تفسير النماذج للمدخلات. كما يُنصح بإجراء مراجعة دورية للأدوات المستخدمة لتحديد أين يعمل الذكاء الاصطناعي بالفعل، مع الحرص على اختبار النتائج وتغذية النماذج ببيانات أفضل. هذه الممارسات تمنح فرق الأمن القدرة على التحكم في المنطق الذي يحكم بيئتهم الرقمية بدلاً من الاعتماد الأعمى على أدوات خارجية.
نحو مستقبل أكثر تكاملاً بين الإنسان والآلة
الذكاء الاصطناعي يمثل قوة مضاعفة لفرق الأمن، لكنه لا يلغي الحاجة إلى الحكم البشري. القيمة الحقيقية تكمن في قدرة الخبراء على توجيه هذه الأدوات نحو أهداف محددة، مع الاستفادة من سرعة المعالجة الآلية دون التفريط في الفهم العميق للسياق. هذا التوازن بين التقنية والقرار البشري هو ما سيحدد نجاح المؤسسات في مواجهة التهديدات المتزايدة. ومن المنتظر أن يشهد مؤتمر SANS 2026 نقاشات موسعة حول كيفية تعزيز هذه المهارات وتوظيف الذكاء الاصطناعي بشكل استراتيجي في مختلف مجالات الأمن السيبراني.






























